فصل: السلم:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.السلم:

تعريفه: السلم ويسمى السلف وهو بيع شيء موصوف في الذمة بثمن معجل، والفقهاء تسميه: بيع المحاويج، لأنه بيع غائب تدعو إليه ضرورة كل واحد من المتبايعين،
فإن صاحب رأس المال محتاج إلى أن يشتري السلعة، وصاحب السلعة محتاج إلى ثمنها قبل حصولها عنده لينفقها على نفسه وعلى زرعه حتى ينضج فهو من المصالح الحاجية.
ويسمي المشتري: المسلم، أو رب السلم.
ويسمى البائع: المسلم إليه.
والبيع: المسلم فيه، والثمن: رأس مال السلم.

.مشروعيته:

وقد ثبتت مشروعيته بالكتاب والسنة والاجماع.
1- قال ابن عباس، رضي الله عنهما،: أشهد أن السلف المضمون إلى أجل قد أحله الله في كتابه وأذن فيه.
ثم قرأ قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتهم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه}.
2- وروى البخاري ومسلم: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قدم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين فقال: «من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم».
وقال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن السلم جائز.

.مطابقته لقواعد الشريعة:

ومشروعية السلم مطابقة لمقتضى الشريعة ومتفقة مع قواعدها وليست فيها مخالفة للقياس، لأنه كما يجوز تأجيل الثمن في البيع يجوز تأجيل المبيع في السلم، من غير تفرقة بينهما والله سبحانه وتعالى يقول: {إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه}.
والدين هو المؤجل من الأموال المضمونة في الذمة، ومتى كان المبيع موصوفا ومعلوما ومضمونا في الذمة، وكان المشتري على ثقة من توفية البائع المبيع عند حلول الاجل، كان المبيع دينا من الديون التي يجوز تأجيلها والتي تشملها الآية كما قال ابن عباس، رضي الله عنهما.
ولا يدخل هذا في نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع المرء ما ليس عنده، كما جاء في قوله لحكيم بن حزام: «لا تبع لا ليس عندك».
فإن المقصود من هذا النهي أن يبيع المرء مالا قدرة له على تسليمه، لأن مالا قدرة له على تسليمه ليس عنده حقيقة فيكون بيعه غررا ومغامرة.
أما بيع الموصوف المضمون في الذمة مع غلبة الظن بإمكان توفيته في وقته، فليس من هذا الباب في شئ.

.شروطه:

للسلم شروط لا بد من أن تتوفر فيه حتى يكون صحيحا وهذه الشروط منها ما يكون في رأس المال ومنها ما يكون في المسلم فيه.
شروط رأس المال:
أما شروط رأس المال فهي:
1- أن يكون معلوم الجنس.
2- أن يكون معلوم القدر.
3- أن يسلم في المجلس.
شروط المسلم فيه:
ويشترط في المسلم فيه:
1- أن يكون في الذمة.
2- وأن يكون موصوفا بما يؤدي إلى العلم بمقداره وأوصافه التي تميزه عن غيره، كي ينتي الغرر وينقطع النزاع.
3- وأن يكون الاجل معلوما.
وهل يجوز إلى الحصاد والجذاذ وقدوم الحاج إلى العطاء؟

فقال مالك: يجوز متى كانت معلومة كالشهور والسنين.

.اشتراط الأجل:

ذهب الجمهور إلى اعتبار الاجل في السلم، وقالوا: لا يجوز السلم حالا.
وقالت الشافعية: يجوز، لأنه إذ جار مؤجلا مع الغرر فجوازه حالا أولى.
وليس ذكر الاجل في الحديث لاجل الاشتراط بل معناه إن كان لاجل فليكن معلوما.
قال الشوكاني: والحق ما ذهبت إليه الشافعية من عدم اعتبار الاجل لعدم ورود دليل يدل عليه، فلا يلزم التقيد بحكم بدون دليل.
وأما ما يقال: من أنه يلزم مع عدم الاجل أن يكون بيعا للمعدوم، ولم يرخص فيه إلا في السلم، ولا فارق بينه وبين البيع إلا الاجل: فيجاب عنه بأن الصيغة فارقة، وذلك كاف.
لا يشترط في المسلم فيه أن يكون عند المسلم إليه: لا يشترط في السلم أن يكون المسلم إليه مالكا للمسلم فيه بل يراعى وجوده عند الاجل.
ومتى انقطع المبيع عند محل الاجل انفسخ العقد، ولا يضر انقطاعه قبل حلوله.
روى البخاري عن محمد بن المجالد قال: بعثني عبد الله بن شداد وأبو بردة إلى عبد الله بن أبي أوفى فقالا: سله هل كان أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، في عهد النبي، صلى الله عليه وسلم، يسلفون في الحنطة؟ فقال عبد الله: كنا نسلف نبيط أهل الشام في الحنطة والشعير والزيت في كيل معلوم إلى أجل معلوم.
قلت: إلى من كان أصله عنده؟ قال: ما كنا نسألهم عن ذلك.
ثم بعثاني إلى عبد الرحمن بن أبزي، فسألته فقال: كان أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، يسلفون على عهد النبي، صلى الله عليه وسلم، ولم نسألهم ألهم حرث أم لا.

.لا يفسد العقد بالسكوت عن موضع القبض:

لو سكت المتعاقدان عن تعيين موضع القبض فالسلم صحيح ولو لم يتعين الموضع لأنه لم يبين في الحديث.
ولو كان شرطا لذكره الرسول، صلى الله عليه وسلم، كما ذكر الكيل والوزن والاجل.

.السلم في اللبن والرطب:

قال القرطبي: وأما السلم في اللبن والرطب مع الشروع في أخذه فهي مسألة مدنية اجتمع عليها أهل المدينة. وهي مبنية على قاعدة المصلحة، لأن المرء يحتاج إلى أخذ اللبن والرطب مياومة ويشق أن يأخذ كل يوم ابتداء، لأن النقد قد لا يحضره، ولان السعر قد يختلف عليه، وصاحب النخل واللبن محتاج إلى النقد لأن الذي عنده عروض لا ينصرف له، فلما اشتركا في الحاجة رخص لهما في هذه المعاملة قياسا على العرايا وغيرها من أصول الحاجات والمصالح. اه.

.جواز أخذ غير المسلم فيه عوضا عنه:

ذهب جمهور الفقهاء إلى عدم جواز أخذ غير المسلم فيه عوضا عنه مع بقاء عقد السلم، لأنه يكون قد باع دين المسلم فيه قبل قبضه.
ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره».
وأجازه الإمام مالك وأحمد.
قال ابن المنذر: ثبت عن ابن عباس أنه قال: إذا أسلفت في شيء إلى أجل، فإن أخذت ما أسلفت فيه وإلا فخذ عوضا أنقص منه، ولا تربح مرتين رواه شعبة وهو قول الصحابي، وقول الصحابي حجة ما لم يخالف.
وأما الحديث ففيه عطية بن سعد وهو لا يحتج بحديثه.
ورجح هذا ابن القيم فقال - بعد أن ناقش أدلة كل من الفريقين -: فثبت أنه لا نص في التحريم ولا إجماع ولا قياس، وأن النص والقياس يقتضيان الاباحة.
والواجب عند التنازع الرد إلى الله وإلى الرسول، صلى الله عليه وسلم.
وأما إذا انفسخ عقد السلم بإقالة ونحوها.
فقيل: لا يجوز أن يأخذ عن دين السلم عوضا من غير جنسه.
وقيل: يجوز أخذ العوض عنه، وهو مذهب الشافعي واختيار القاضي أبي يعلى وابن تيمية.
قال ابن القيم: وهو الصحيح، لأن هذا عوض مستقر في الذمة فحازت المعاوضة كسائر الديون من القرض وغيره.

.الربا:

تعريفه: - الربا في اللغة: الزيادة، والمقصود به هنا: الزيادة على رأس المال، قلت أو كثرت.
يقول الله سبحانه: {وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون}.

.حكمه:

وهو محرم في جميع الاديان السماوية، ومحظور في اليهودية والمسيحية والإسلام.
جاء في العهد القديم: «إذا أقرضت مالا لاحد من أبناء شعبي، فلا تقف منه موقف الدائن لا تطلب منه ربحا لمالك». آية 25، فصل 22، من سفر الخروج.
وجاء فيه أيضا: «إذا افتقر أخوك فاحمله...لا تطلب منه ربحا ولا منفعة». آية 35، فصل 25، من سفر اللاويين.
إلا أن اليهود لا يرون مانعا من أخذ الربا من غير اليهودي، كما جاء في آية 20، من الفصل 23، من سفر التثنية.
وقد رد عليهم القرآن، ففي سورة النساء: {وأخذهم الربا وقد نهوا عنه}.
وفي كتاب العهد الجديد: إذا أقرضتم لمن تنتظرون منه المكافأة، فأي فضل يعرف لكم؟ ولكن افعلوا الخيرات، وأقرضوا غير منتظرين عائدتها. وإذن يكون ثوابكم جزيلا. آية 34 وآية 35، من الفصل 6، من إنجيل لوقا.
واتفقت كلمة رجال الكنيسة على تحريم الربا تحريما قاطعا استنادا إلى هذه النصوص.
قال سكوبار: إن من يقول إن الربا ليس معصية يعد ملحدا خارجا عن الدين.
وقال الاب بوني: إن المرابين يفقدون شرفهم في الحياة الدنيا، وليسوا أهلا للتكفين بعد موتهم.
وفي القرآن الكريم تحدث عن الربا في عدة مواضع مرتبة ترتيبا زمنيا، ففي العهد المكي نزل قول الله سبحانه: {وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون}.
وفي العهد المدني نزل تحريم الربا صراحة في قول الله سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم ترحمون}.
وآخر ما ختم به التشريع قول الله سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون}.
وفي هذه الآية رد قاطع على من يقول: إن الربا لا يحرم إلا إذا كان أضعافا مضاعفة، لأن الله لم يبح إلا رد رءوس الأموال دون الزيادة عليها.
وهذا آخر ما نزل في هذا الأمر.
وهو من كبائر الاثم، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «اجتنبوا السبع الموبقات قالوا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات».
وقد لعن الله كل من اشترك في عقد الربا، فلعن الدائن الذي يأخذه، والمستدين الذي يعطيه، والكاتب الذي يكتبه، والشاهدين عليه.
روى البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود، والترمذي وصححه، عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: «لعن الله آكل الربا، ومؤكله، وشاهديه، وكاتبه» روى الدار قطني عن عبد الله بن حنظلة أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «الدرهم ربا أشد عند الله تعالى من ست وثلاثين زنية في الخطيئة».
وقال صلى الله عليه وسلم: «الربا تسعة وتسعون بابا، أدناها كأن يأتي الرجل بأمه».